إن دراسة «سحر» لموضوعات أعمالها هو مسار إختياري، ما ينتج عنه إمتاعاً لعقل المتلقي ولبصره معاً، في حين ترى أنها قدمت له ما لا يحتاج إلى بحثه في الجماليات؛ فعلي مسطح التصوير، تتراءي مخلوقاتها – هي- ما بين الكبير الغريب ضخامته وبين الصغير، وتلك الكائنات الغريبة أو المُشكلة بعناية «سحر» تحتل كامل المسطح في بعض الأحيان، حتى تتقاطع أجزاءها مع حدود الطول والعرض، في جرأة، كان يفعلها جوجان، ويُعاب عليه تعليمياً في بناء العمل الفني، لكن إرتباط حب البحث في محيط الشكل مع التجريب، والخبرة الذاتية والأكاديمية لديها، يُربك الجماليات المتعارف عليها، فتجتمع تلك الكائنات في سلام، دون إصطناع أو جملة حكي تصويرية، حتى أنها أحياناً تكتشف الشكل بعد تعايشه مع بيئته الجديدة – مسطح التصوير- فتمرح على مساحتها الجديدة، تاركة همها خارج الإطار، إو ربما الفنانة نفسها تأخذ همها وهم كائناتها وتقذقها بعيداً، من فرط ثقل العبء والفوز بمرح إنزاله.
وهي تتحدث على غير عادة الفنانين عن العملية الإبداعية أو عملية العمل نفسها: «عادة أبغي الوصال مع اللوحة وإذا ما فقدته أتوقف عن العمل فترة ثم أعاود النظر فيه، ربما يتجدد الحوار من جديد، ومن هذه النقطة أنطلق لإكمال الحوار حتي نصل معاً إلى لحظة إنتهاء الحوار والعمل.
لا شك أن الجسد الإنساني خاصة «المرأة» هو عنصر رئيس لدى «سحر» إلا أنه هنا ليس لتلك الأنثى بما تحمله من خضوع لحركة الجسد أو الإهتمام بإكتماله، وإنما هي تلك المرأة المرحة التي تختلط بالكائنات، لتعيش بلا خضوع للهموم، ناكرة الغدر على صفات تلك الكائنات، التي تتحول أحياناً لتركيبة جسدية تشبهها أو كتلة مختلطة، أو عناق رفيق، لا يعزله فروق الخِلقة والنوع.. تلاحم عجيب. وغريب أمر أن تكون حيواناتها –المُطورة- أُناث، إلا من ذلك الـ «بيسون» الذي يكاد يخترق بضخامته أضلع المسطح؛ لم تهتم برسمه الصحيح، ولكنه بالفعل هو – هكذا أنا أعرفه- وإذا كانت تنفي على المُتلقي التأويل أو رمز القوة مثلاً، فربما هي باكية على أبادة البيسون Bison عقب نهاية الحرب الأهلية الأميركية سنة 1865، وذلك لأاقوالها: «التلاحم بين الإنسان والحيوان.. كائنات خُلقت لتتعايش لتعضد فكرة الحياة ذاتها.. مسطح العمل هو المرادف للبيئة البرية التي جمعتنا من قبل»، وأعتقد أنها علمت خلال بحثها المستمر أن هناك دراسة توصل إليها البروفيسور «أوزوالد شميتز» من كلية ييل للبيئة بالولايات المتحدة: إن حيوانات البيسون قد تكون أداة قوية في إعادة التوازن للنظم البيئية، قائلاً أن «ثيران البيسون هم بعض أبطال المناخ».. فإن صح علمها بالدراسة أصبح البيسون بطلاً للباحث، وبطلاً لديها داخل العمل الفني، ومؤكداً على فكرتها من أن التسامح وقبول الآخر صفة ملاصقة للإقتراب الحق من البرية والفطرة النقية.